السبت، 29 نوفمبر 2014

أسرة شهيد «كفر العلماء» : لن ننسى تضحياته العظيمة

بكاء حار ونحيب دموع رجال تحجرت في المآقي، وسيرة عطرة تتردد اصداؤها في جنبات المكان صورة سريعة لأجواء عزاء العقيد إبراهيم أحمد بدران قائد قوة تأمين الطرق بقوات أمن شمال سيناء الذي ضحي بحياته فداء لوطنه،ولقي حتفه غدرا علي يد إرهابيين جبناء تخفوا خلف لثامهم ليغتالوه ومن معه أثناء قيامهم بعملهم بمنطقة جسر الوادي بشمال سيناء .
حيث اتشح الجميع بالسواد ووقف المعزون صفاً طويلاً يتقدمهم ابناؤه الثلاثة محمود، وعبد الرحمن،  وأحمد،  لتلقي العزاء في فقيدهم.
كل كلمات الغضب والحنق لم تكن  تكفي لوصف شعور أهالي قرية كفر العلماء مركز فاقوس،  وكل من عرف العقيد إبراهيم  بدران الذي كان رمزا للعطاء وسيبقي رمزا للتضحية.
في بداية  الطوابير التي اصطفت لاستقبال  المعزين وقف الابن الأكبر محمود، محام،  بثبات يحسد عليه يتلقي العزاء وإن بدا عليه الشرود يستدعي عقله كل ذكريات الطفولة والصبا، نشأته  في حضن والده ورعايته الحانية له ولشقيقيه  حتي بات شاباً يافعاً وأحد رجال القضاء الواقف،  صدي كلماته عن العدالة  والكرامة والشرف والإيثار مبادئه، نصائحه،  سؤاله الدائم عنه وعن أخوته  رغم انشغاله،  صوته وكلماته،  مازالت تتردد بداخله صورة اصدقائه الذين عرفهم في كل فترات حياته وخدمته وحرصه علي ودهم رغم تنقله بين أكثر من مكان،  يتنبه فجأة علي صوت الشيخ وهو يختتم القراءة  وكلمات التعازي تنهال عليه للشد من أزره ومواساته، حسبي الله ونعم الوكيل،  هكذا بدأ محمود حديثه  ليستطرد: أبي كان كل شيء في حياتي، الأب والصديق والقائد والمعلم، لماذا قتلوه، وماذا جنوا وهو من يحمل بداخله الخير والصفاء، وأي دين يحض علي قتل نفس بريئة، لماذا اغتالوه بهذه الخسة، وبأي ذنب وهو لم يفعل شيئا غير تأدية واجبه ؟ و الله لو علموا قدره لما اقترفوا فعلتهم.
وقال عبد الرحمن الابن الأوسط وهو طالب بالسنة النهائية بكلية التجارة لا يمكنني ما حييت أن أنسي أبي سأظل أذكره وأذكر تضحيته وإيثاره، عطفه، ورحمته بكل من حوله صغيراً وكبيراً، ولن أنسي وصاياه لنا وتعويدنا خدمة الجميع وصلة الرحم وقدرها، رحمك الله يا أبي كما رحمت من علي أرضه،  أما أحمد الابن الأصغر الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الشرطة والذي يسير علي درب والده، فقال رغم ما فعلوه مع أبي فلن أكف أو أتراجع عن تأدية واجبي ولن أخشي غير الله  واستشهاد والدني لن يزيدني إلا إصرار وسأسعي لاستكمال رسالته، وطالب بتمكينه وزملائه فور تخرجه للقضاء علي جميع الخونة وتطهير سيناء وتزويد رجال الشرطة بالسلاح اللازم لمواجهة هؤلاء الإرهابيين المتطرفين، وأكد أبناء الشهيد أن دم والدهم لن يضيع هدرا، فقد ضحي بحياته فداء لوطنه وحماية أبنائه،  وسيظل دائما في قلوبهم نموذجا للشجاعه والإقدام، ومثالا للفخريحتذي به كما كان دائما.
أما زوجته  التي كانت في حالة انهيار تام فروت ودموعها تنساب علي خديها  أن الشهيد كان شجاعاً وجسوراً ، ولم يكن يهاب الموت أو يخشاه، وتستطرد  آخر إجازة له كانت قبل أيام من الحادث، وكان حريصا خلالها علي لقاء جميع أفراد الأسرة وزيارة شقيقاته والاتصال بأكبر عدد من أصدقائه، وكأنه يودعهم، وكأنه كان يشعر بمصيره ودنو أجله.
فيما أجمع عدد كبير من أهالي قريته ومسقط رأسه علي أنه طوال حياته كان بارا بأسرته، وبعد وفاة والديه تكفل بشقيقاته الأربع، وكان بمثابة الأب لهن ولشقيقيه، وبعد وفاة شقيقيه تكفل بابنائهما و لم يقصر في حقهم وتلبية احتياجاتهم لعدم إشعارهم بالحرمان.
ويتذكرون قبل عدة أعوام أثناء ثورة 25يناير حينما كان يعمل بقسم شرطة الصالحية كان أهالي القرية يتبارون في تكوين اللجان لحماية القسم وتأمينه حبا فيه، فلم يروا منه مكروها، بل كان خدوما.
وقال علاء البشلاوي أحد أبناء كفر العلماء إن القرية  لن تنسي الشهيد إبراهيم بدران ابن البلدة، الذي ضحي بحياته، وسيبقي بيننا دائما مثالا للفخر يحتذي به.
‫ وأضاف أحد جيرانه أنه كان طيب الخلق،  رحيما بالجميع، ويسرع لنجدة الملهوف وتلبية مطالبه، ولا نذكر أنه رد أحدا وخلال إجازاته القصيرة كان يتسابق معنا في الذهاب للمسجد وتأدية الفروض جماعة.‬
وكان العقيد إبراهيم أحمد بدران، 54 سنة، من قوة إدارة تأمين الطرق بشمال سيناء والرقيب عبد السلام عبد السلام سويلم، والمجند حمادة جمال يوسف، قد استشهدوا أثناء استقلالهم سيارة ربع نقل نيسان متأثرين بإصابتهم من جراء قيام مجهولين يستقلون سيارة ملاكى بإطلاق الأعيرة النارية تجاههم بمنطقة جسر الوادى دائرة قسم شرطة ثان العريش. 
و قرر محافظ الشرقية د.سعيد عبد العزيز، إطلاق اسم الشهيد ، والذي اغتالته رصاصات الإرهاب أثناء تأديته لعمله بشمال سيناء، على مدرسة بمسقط رأسه بقرية كفر العلماء مركز فاقوس.
جاء ذلك خلال زيارة المحافظ لأسرة الشهيد، لتقديم واجب العزاء لهم.
ورافق المحافظ خلال زيارته مدير الأمن اللواء سامح الكيلاني، ونائب المحافظ اللواء سامي سيدهم، وعدد كبير من القيادات التنفيذية والعسكرية والشرطية.
يذكر أن العقيد أحمد إبراهيم بدران يقيم في مدينة الصالحية الجديدة، وزوجته موظفة بمحكمة فاقوس، ولهما ثلاثة أبناء "محمود - محامي، وعبد الرحمن - طالب بكلية التجارة، وأحمد - طالب بكلية الشرطة"، ووالداه متوفيان وهو الشقيق الأكبر لاخوته.
و فقدت محافظة الشرقية 3 من أبنائها، خلال العملية الإرهابية الإجرامية القذرة التى استهدفت كمين كرم القواديس، جنوب الشيخ زويد، أواخر شهر أكتوبر الماضي، وراح ضحيتها 31 شهيدا من أبناء القوات المسلحة، بالإضافة إلى 26 مصاباً.