الخميس، 26 يوليو 2012

محافظ الشرقية المستقيل : أداء الرئيس مرسى لا يتناسب مع وزن مصر

إستقالة سريعة و فورية من منصبه كمحافظ للشرقية أعلنها الكاتب الصحفى والناشط الناصرى الدكتور عزازى على عزازى رافضاً العمل فى ظل رئيس من الإخوان المسلمين، ، فالفترة القصيرة التى تقلد خلالها عزازى كرسى المحافظة شهدت معارك بينه وبين قيادات الجماعة فى الشرقية، حتى شاع أنه أصدر قرارا بمنع دخول نواب الإخوان مقر ديوان عام المحافظة.. تفاصيل أخرى عن ذلك الصراع الذى ظل فى الخفاء بعيدا عن صخب العاصمة المسيطر على المشهد، نستعرضها فى هذا الحوار مع الدكتور عزازى .  
■ كيف تم ترشيحك لمنصب محافظ الشرقية؟ وهل كان هناك دور للمرشح الرئاسى حمدين صباحى فى اختيارك لهذه المنصب؟   
- حينما تم اختيارى لمنصب المحافظ «خِفت» قليلا، وكدت أعترض على الاختيار، حيث أبلغنى المستشار محمد عطية وزير التنمية المحلية، بهذا التكليف، وقال لى كلمة ساحرة فى مكالمة هاتفية «تحب تخوض معانا معركة»، فقلت له «يا أهلا بالمعارك»، قال لى: «تقبل تكون معانا محافظ للشرقية»، فسكتُّ ثم قلتُ له «أقبل»، أما بخصوص المرشح الرئاسى حمدين صباحى فأحب أن أوضح أنه لم يكن له دور فى ترشيحى لهذا المنصب، فقرار ترشيحى كان من رجال الثورة من قبل الدكتور عمرو حلمى وزير الصحة السابق، ورئيس الوزراء السابق الدكتور عصام شرف، والدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء السابق، لكن طبيعة المهمة كانت صعبة نسبيا، لكون المعركة بين أهلى وناسى وأفراد قريتى ومحافظتى التى لم أنقطع عنها قط وكنت دائم التواصل معها، وكنت أعمل أمينا للحزب الناصرى حتى عام 1987 وعضو الأمانة العامة للحزب وقبلها فى اتحاد طلاب الجامعة، وطوال حياتى ارتبطتُّ بالشرقية ثقافيا وسياسيا، وكان طبيعيا أن أخوض معركة من أجل هيبة الدولة وقضاء مصالح الناس وتجسيد مبادئ ثورة يناير وثورة يوليو، التى نادت بالكرامة والعدالة والحرية، فكنت تنفيذيا بطعم المعارض فى السلطة التنفيذية للدولة.  
■ هل عارضَتْ جماعة الإخوان المسلمين توليك منصب محافظ الشرقية على اعتبار أنك تنتمى إلى التيار الناصرى؟  
- بالفعل بلغتنى معلومات من أشخاص موثوق بهم أن الإخوان عارضوا حصولى على المنصب، واعترضوا بشدة، لكن الأمر لم يؤثر فىّ بشكل كبير، ولم يؤثر فى احترامى للجماعة كفصيل وطنى مشارك فى الجماعة المصرية، وتجاهلت هذا الأمر تماما، ولم أقابل السيئة بالسيئة، لكنى قابلت السيئة بالحسنة، وذلك حينما قمت ولأول مرة فى تاريخ المحافظة بتعيين أحد كوادر الإخوان، ويدعى أحمد حماد رئيسا لمجلس مدينة القرين ، مما يدلل على أننى لا أقيم وزنًا فى التعيين إلا للكفاءات، ولا أنظر إلى الاتجاهات السياسية، ولا أقوم بتصفية حساباتى الشخصية أو السياسية مع أى تيار معارض .  
■ أصدرت قرارا فور توليك مسؤولية المحافظة بمنع دخول نواب الإخوان الديوان العام؟  
- لم أصدر قرارا بمنع دخول نواب الإخوان ديوان عام المحافظة، كانت هناك بعض الخلافات البسيطة، وكنت مختلفا مع الجماعة بشكل عام ومع حزب الحرية والعدالة بالذات بعد نجاحهم فى مجلس الشعب، حيث كان أداؤهم الرقابى به قدر من التسلط والتذيل ودون أن تتوافر لديهم أى معلومات أو ردود، ومنذ اللحظات الأولى تبنوا مشروعا بإقالة محافظ الشرقية وتقدموا بطلبات إحاطة عديدة بهذا الشأن تحت حجة تعيين أقاربى وتعيين بعض القيادات الفاسدة وإزاحة قيادات صالحة وهكذا، وكان أداؤهم مرتبكا رغم احترامى للبعض منهم على المستوى الشخصى.  
■ قمت بتعيين 43 ألف موظف بنظام المكافأة دون معايير أو شروط واضحة.. وهناك أيضا ثمانية آلاف معاق عُيّنوا داخل دواوين المحافظة وأصبحوا عبئا على ميزانية الدولة لعدم وجود اعتمادات مالية لهم؟  
- نعم قمت بإعادة تعيين الموظفين الذين تم فصلهم بالتربية والتعليم، وحينما سألت وكيل وزارة التربية والتعليم هل هناك نقص فى التخصصات قال لى نعم، وحينما سألت عن الموازنة قالوا هناك موازنة تكفى لإعطائهم مكافآت، لذلك قمت بتعيين 13 ألفا و400 موظف وتمت إعادتهم للعمل مرة أخرى فى قرار واحد وتأشيرة واحدة، لحاجة العمل إليهم، فلِمَ تهاجَم هذه الخطوة؟! فما الخطوة التى يجب أن تُمتدَح؟ وعن التعيينات فى المشاريع الخاصة كالمحاجر والمواقف والشبكات، قمنا بالتعيين فعلا وكانت هناك خسائر قديمة وزادت الخسائر أيضا خصوصا فى مشروع المحاجر، وذلك إبان الثورة وعلى مدار السنة الماضية نظرا إلى الانفلات الأمنى، وقد قمنا بتغيير إدارات المحاجر أكثر من مرة، لكن دون جدوى.  
■ نواب الإخوان إتهموك بالمحسوبية و المجاملة فى تلك التعيينات ، و قالوا إنك قمت بتعيين أبناء «إكياد و فاقوس» بمسقط رأسك على حساب باقى أبناء المحافظة؟  
- أقول لهم «قل هاتوا برهانكم»، لو عندهم ما يؤكد ذلك فليتقدموا به إلى النائب العام، وعلشان هما يرضوا عنى لازم أعمل تأشيرات على كل طلبات الإخوان لتعيين أقاربهم، أنا فقط كنت أقوم بالتأشير للغلابة الذين لا يجدون قوت يومهم، وأذكر حينما قمت بإنشاء لجنة للتعيينات قمت بتعيين نقيب البيطريين المنتمى إلى جماعة الإخوان عضوا فى تلك اللجنة .  
■ وماذا عن تصريحاتك الأخيرة حول اكتشافك وقائع تزوير لصالح الرئيس محمد مرسى فى جولة الإعادة وامتلاكك أوراقا تثبت صحة أقاويلك؟  
- يمكننى القول إننى تابعت ست عمليات انتخابية طوال فترة وجودى فى المنصب، شملت فيها عمليات تأمين وتخزين وإعداد وتنفيذ وإشراف، وصبيحة يوم انتخابات جولة الإعادة بين المرشح الدكتور محمد مرسى والفريق أحمد شفيق، وصلتنى معلومات من أجهزة ثقة ومصادر متعددة عن رشاوى مالية لصالح الدكتور محمد مرسى، ولم يتم تحرير محضر بها، والأمر الثانى بطاقات مسوَّدة سلفا ومكتوب عليها علامة صح أمام اسم مرسى، وتم ضبط آلاف البطاقات التى تم اكتشافها، وتم تحرير محاضر بها وإبلاغ اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بذلك، لكن لم يحدث شىء، وقامت اللجنة باستبعاد تلك الطعون، لكنى قمت من جانبى بإرسال المستندات إلى جهات التحقيق لمعرفه تفاصيل الأمر.  
■ لكن تردد عديد من الأقاويل حول هجومك بشكل شرس على جماعة الإخوان؟  
- لم يحدث، فما أود أن أقوله هو أننى أعطيت الحق الانتخابى لجميع المرشحين على السواء خلال جولاتهم الانتخابية، بل وقمت بإيقاف إمام مسجد بالشرقية لانتقاده الإخوان على المنبر فى صلاة الجمعة فى إحدى المرات، لكن لدىّ خلافات سياسية مع جماعه الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، لكن رغم الخلافات السياسية بيننا كنا نتقابل يوميا فى ساعات الليل المتأخرة دون أى مشكلات.  
■ ولماذا تقدمت باستقالتك من منصب محافظ الشرقية؟  
- لم أقدم استقالتى فجأة على الإطلاق، وصرحت قبلها بأسبوعين قبل جولة الإعادة بأنى لن أعمل مع مرسى أو شفيق، فأنا ضد مشروع أحمد شفيق الذى يمثل استمرارا للنظام السابق وعهد الرئيس السابق مبارك، ويتناقض مع مشروعى وأهدافى كثورى وهو شق من زاوية وطنية وليست ناصرية، بينما الجانب الآخر وهو الرئيس محمد مرسى، فرغم تقديرى له فإنه ينتمى إلى مشروع جماعة الإخوان المسلمين، ولا يمكن تنفيذ أجندة الإخوان وأنا فى موقعى التنفيذى .  
■ نريد أن نتعرف على رؤيتك حول أداء الرئيس الدكتور محمد مرسى منذ توليه رسميا رئاسة الجمهورية؟  
- أداء الرئيس محمد مرسى لا يتناسب مع قيمة ووزن الدولة المصرية والقيم والشعارات التى أنتجتها ثورة 25 يناير والقواسم الوطنية المشتركة التى تمثل كل ألوان الطيف السياسى المصرى، منوها إلى أن جزءا من الأزمات التى تمر بها الدولة هو التنازع بين السلطات الثلاث: القضائية والتشريعية والتنفيذية، وجميعها فى حالة تضارب وتصارع والتباس، ونتيجة ذلك هو غياب الدولة، ولذلك أعتقد أن مرسى لن يستطيع أن يكون رئيسا لكل المصريين، وسيظل أسيرا لمشروع الإخوان وشبكتهم المحلية والدولية.  
■ وهل يمكن أن يحقق نجاحات تُحسَب له خلال الفترة القادمة؟  
- أعتقد أن شروط استمرار الدكتور محمد مرسى صعبة، لأنها تتوقف على حالة الرضا الشعبى، وستظل غير متحققة ومتوقفة على إعادة التئام جسد الأمة المصرية، ويجب أن يعلم أن الدولة أقوى من حاكمها، لكنى أعتقد أن استمراره صعب نسبيا.  
■ وماذا عن علاقتك بالمجلس العسكرى منذ كنت محافظا للشرقية؟ وكيف ترى إدارته للبلاد خلال المرحلة الانتقالية؟  
- المجلس العسكرى أدار البلاد خلال عام ونصف العام بطريقة «المصاطب»، كما كان يحدث فى القضاء الشعبى العرفى سابقا، وقد فشل تماما فى حماية وتأمين أهداف الدولة والثورة .  
■ وماذا عن رؤيتك لأداء حكومة الدكتور كمال الجنزورى؟  
- كنت مع استمرار وبقاء الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء فى منصبه لكونه أعظم رئيس وزراء خلال الـ40 عاما الماضية، كفاءة وقدرة على اتخاذ القرار، لكنى لست فى الوقت الراهن من المؤيدين لبقائه، وأقول له «الله يكون فى عونك ونحتاج إلى خبراتك كمستشار لإدارة الحكم فى مصر» .  
■ وماذا عن رأيك فى تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع دستور مصر بوضعها الحالى؟  
- الدستور يعكس التنوع والقناعات الوطنية محل الاتفاق، ولا تكتبه بالضرورة نخب يعبرون عن هذا التنوع، لكن ما أراه أن فكرة المحاصصة أى توزيع الحصص خطيرة، وتداعياتها غير مأمونة العواقب على الدولة بأكملها.  
■ وماذا عن التيار الثالث الذى يقوده حمدين صباحى باعتبارك أحد الداعمين والأعضاء المشاركين فيه؟  
- مبدئياً أنا أطلق عليه مشروع التيار الشعبى، لا التيار الثالث، لأنه تيار غير حزبى، لكنه يمثل جموعا من ملايين المصريين من أبناء الطبقة الوسطى ممن شاركوا بالثورة ومثلوا قاعدة تصويتية كبيرة وصلت لنحو ستة ملايين أو أكثر، فكان من الأجدى أن يتم بلورتها لكى تكون حارسة على تحقيق أهدافها، ولكى تفرض مرشحيها فى المجالس المنتخبة، وفى اعتقادى أن فكرة الحزب سقطت من التاريخ وتحولت إلى دائرة من الأسمنت الأيديولوجى، فصارت لا تصلح لاستقطاب التنوع المصرى، والتيار الشعبى ليس فكرة لمواجهة الإخوان أو أى تيار آخر.  
■ كيف ترى الوضع السياسى الراهن وتحليلك له فى ظل وجود رئيس جمهورية منتخب؟  
- الوضع الراهن حصيلة مؤامرة حقيقية لإغتيال الثورة و الدولة معاً ، شاركت فيها أجهزة دولية وإقليمية ونخب سياسية وشباب ينتمون إلى الثورة ومنهم من فعل ذلك بسوء نية وعن قصد، ومنهم من فعل ذلك بحسن نية ودون قصد، تحت مسمى «الطهارة الثورية»، وكانت النتيجة الفادحة هى ضرب الدولة والثورة معا، لسعى كل تيار إلى ضرب الطرف الآخر، مما أدى إلى أن الثورة لم تصل إلى الحكم، والدولة فى حالة غياب ورئيس الجمهورية نفسه يتعرض لقطع الطريق بسبب المطالب الفئوية، وللأسف انتهت كل محاولات التحول الديمقراطى وما زالت الدولة بلا هيبة ومؤسساتها غير قادرة على الإنجاز .  
■ وهل ستعود إلى عملك محافظا للشرقية أم أنه قرار نهائى لا رجعه فيه؟  
- لن أتراجع عن قرارى، وحينما قدمت استقالتى منذ 24 يوما لم تُقبَل حتى تلك اللحظة، ومورست علىّ ضغوط شديدة للغاية ومحترمة من قبل مؤسسة الرئاسة ورئاسة الوزراء والمجلس العسكرى لكى أتراجع عن الاستقالة، لكنى رفضت كل المحاولات رغم تقديرى الشديد لها، لذلك لن أستمر فى الموقع التنفيذى فى ظل مشروع الإخوان، ومع ذلك أنا مستعد للعمل خارج الجهاز التنفيذى للدولة من أجل خدمة بلدى وشعبى بالشكل الملائم والمناسب.